نص ادبي
علم التاريخ لابن خلدون
تعريف صاحب النص :
ولد عبد الرحمان بن خلدون بتونس عام 732ه /1332م و نشا على حب العلم و تحصيله , اتصل بعلماء عصره و اخذ عنهم شتى المعارف بقي يتقلب بين بلاد الاندلس و المغرب العربي حتى بلغ مصر و لبث فيها ما بقي من حياته و توفي بها 808ه /1406م. تولى عدة مناصب منها القضاء و ترك عدة اثار اهمها : كتاب العبر...و ما يعرف الان باسم "مقدمة ابن خلدون" هو في حقيقة الامر المقدمة و الكتاب الاول من التاريخ , و قد انهى مقدمته في قلعة بني سلامة"تيارت"و يعد ابن خلدون مؤسسا لفلسفة التاريخ و علم الاجتماع.
تقديم النص:
توصل العلامة عبد الرحمان ابن خلدون-في مقدمته-الى عدة نتائج اعتبرت ثورة في تاريخ المعرفة سبق بها الاوربيون بقرون من ذلك منهجه في كتابة التاريخ:
التاريخ:هو علم و فن يدرس اخبار الماضيين و يتقصى احوالهم
في الحقل الدلالي
بعض من المصطلحات التي وظفها ابن خلدون و لها علاقة بمنهج كتابة التاريخ:احوال الماضين,السير,الاخبار,المؤرخين,الوقائع و الحكايات,الاعصار,الايام,الازمنة
اكتشاف المعطيات
-الموضوع الذي تطرق له ابن خلدون في نصه هذا هو علم التاريخ كما عالج قضية علمية متمثلة في "منهجية الكتابة في علم التاريخ"
-يدعو ابن خلدون في امر الكتابة التاريخية الى تحلي المؤرخ بالموضوعية في نقل الافكار و الالمام بشتى المصادر التاريخية السابقة و هذا ما لم يجده في مؤرخي عصره
-اشار الكاتب الى ان الغاية من التاريخ جعلت من هذا العلم ذا مكانة مرموقة عنده و تتمثل فائدته في معرفة احوال الماضين و الاقتداء بالسير,و العلاقة بين هذه الفائدة و المنهج الذي يدعو اليه هي علاقة تلازمية
-يتميز ابن خلدون بموضوعية في المضمون و انسيابية في الاسلوب فتراه يعمد دائما الى الاقناع و التعليل لاحكامه كما تراه يسترسل " يسهب" معتمدا على احرف الربط:حروف العطف و حروف الجر حيث نجد تعليلا ابتداءا من "لان الاخبار...."جادة الصدق"
كما اننا نلمس الانسيابية في نصه هذا من خلال طرحه لثلاثة افكار دون ان نشعر بالانتقال من الفكرة الى الاخرى:
1-تعريف علم التاريخ-2-فائدته-3-منهجيته" و لحروف الربط دور كبير في فرض الاتساق و الانسجام بين افكار النص.
مناقشة المعطيات
-المنهج المعتمد في النص هو تقديم المشكل ثم عرض الحل لانه يعرفنا بعلم التاريخ مجملا ثم بدا في التفصيل
-منهج ابن خلدون في محله لا سيما في عصره
-يكشف ابن خلدون في العديد من موضوعاته عن افكاره من اول وهلة و هذا المنهج في الطرح يزيد القارئ اقبالا و تشويقا لمعرفة هذه الافكار حيث انه بدا في المعقد ثم تدرج في الشرح و التبسيط
اسلوب ابن خلدون علمي متادب و من مظاهره العلمية منهجية : "التاريخ ,الاحصاء,المعارف"و من مظاهره الادبية:" استعمال بعض من المحسنات البديعية كالطباق بين (غث و سمين) (الغائب و الشاهد) و بعضا من الصور البيانية كالكناية في عبارة (تاهوا في بيداء الوهم و الغلط)"
تحديد بناء النص
-نمط النص تفسيري لان العلامة ابن خلدون يعمد في عرض افكاره الى التحليل و التعليل و الشرح و هذا ما تبينه الفقرة1 و من خصائصه :
-بروز افعال المعاينة و الملاحظة و الاستنتاج و الوصف :" يوقفنا , ان نحكم النظر..."
-استخدام لغة موضوعية :" كلمات و مصطلحات تقنية مختصة بالمادة"
-التركيز على الادلة و الوقائع و الامثلة
و لان ابن خلدون بصدد اقناع المؤرخ باتباع المنهجية التي طرحها وجب عليه ان يستدل بجملة من البراهين و الادلة منها "العودة الى حوادث تاريخية و وقائع مضت"
-الاسلوب المكثف بالتكرار و الاعادة و التناوب شرط
-عدم الاستطراد "انتقال ثم العودة",استخدام الخطاب المباشر
-تكررت كلمة المغالط كثيرا في النص
و لان الكاتب ينبه المؤرخ من عدم الوقوع في الخطا عند تقصي احوال الماضين و يذكره دائما بانه مؤرخ قبل كل شيئ و المتلقي ياخذ ما عرضه من احداث فوجب عليه ان يتوخ الحذر, ودلالة هذا التكرار هو التاكيد على اهمية هذه الكلمة و ما لها من عواقب .